الأربعاء، 16 مارس 2011

لا أستطيع ترتيب أولياتى(البرنامج العلاجى

البرنامج العلاجى المعرفى لترتيب الأولويات والتخطيط:

بداية...هى كلمة معرفى يعنى إيه؟ يعنى أعرف...بس الحقيقة العلاج المعرفى مش مجرد إنك تعرف لكن إنك تدرك....وهو فى فرق؟..أكيد فى فرق...الإدراك حالة...يصاحبها خبرة شعورية وسلوك...لكن المعرفة المجردة مش بالضرورة إن يكون مصاحب ليها خبرة شعورية أو سلوك ولو لم يصاحب المعرفة خبرة شعورية يصعب تغيير السلوك....


يعنى المعالج الصح..هو اللى يخلى صاحب الحالة يدرك مشكلته...يشوفها بعقله ويعيش خبرة شعورية معينة مصاحبة لهذه الرؤية....ثم يغير سلوكه تبعاً لما رأى وشعر...

رؤية الذات تحتاج للتدريب

أول حاجة ويمكن نتفق عليها قبل رؤية الذات هى تعلم قبول الذات على علاتها...اعرف إنك عندك مشكلة واقتنع بده...اعرف إن مشكلتك مش مهم تعرف مين السبب فيها..يعنى مثلاً لو قلت أه ده المشكلة إنى مش بأرتب أولوياتى لأن أهلى ماحدش فيهم علمنى ده أو أسلوب تربيتهم خلانى ما أعرفش أفكر أو..أو.... يعنى تبدأ تحط مبررات لمشكلتك...يبقى تعرف إنك ماشى فى سكة خطأ....اللى حصل حصل ولازم بإذن الله نصلح
بدأت تقبل نفسك إنك عندك مشكلة...اسأل بقى نفسك هى مشكلة ترتيب الأولويات دىحاجة جديدة عليك... واللا إنت دايماً كده...جديدة عليك يبقى ممكن السبب إنك بتمر بضغوط معينة وعندك شوية قلق ولو طول عمرك كده يبقى مشكلة مزمنة ولازم تنوى حلها بإذن الله.
...استرخاء...توجيه بعض الأسئلة لنفسك بخصوص المشكلة التى تعانى منها...وهنا موضوع ترتيب الأولويات...

ياللا معايا....اسأل نفسك:

ياترى هو ده موجود عندى....؟

1-غالباً ما أصل لنهاية اليوم وأشعر بعدم الراحة....بأحس إنى ما عملتش حاجة خالص من حاجات كتيرة كان المفروض إنى أعملها.
2-بأسرح-بأقعد كتير أفكر فى نقطة معينة وألاقى صعوبة شديدة فى إنى أبدأ أى حاجة...أنا بأفكر أكتر ما أنفذ.
3-معظم أعمالى وخططى معلقة لا أستطيع إتمام أى خطة للنهاية.

حط معايا الإحتمال ده فى دماغك:
أنا أنجزت بس مش حاسس بإنجازى...احتمال لأن شغلى مش محطوط فى خطة أو برنامج واضح يمكن من خلاله قياس الإنجازات اليومية.

واخد بالك معايا؟...دى أول خطوة ...علشان تنجز وعلشان تحس بإنجازك شغلك لازم خطوات العمل تبقى فى جدول بخطة زمنية

الخطة اليومية...والخطة الأسبوعية ومراجعة الإنجازات كل يوم قبل ما تنام علشان تضع خطة اليوم التالى...بناءاً على ما تم انجازه فى يومك...دى أكتر حاجة حتحسن أداءك....

حتحط الخطة بتاعتك فين....أسهل مكان يخليك تراجعها كل يوم حسب ظروفك....لو متعود تفتح الكمبيوتر بتاعك قبل النوم وشايف إن أفضل حاجة تحطها على الكمبيوتر اعمل ده...بس لازم يبقى عندك نسخة مطبوعة أو على فلاشة...أصل ممكن يحصل أى مشكلة فى الكمبيوتر وتضيع الخطة ولا أخفيكم سراً أن الأشخاص الذين يعانون من عدم القدرة على ترتيب الأولويات والتخطيط هم من أكتر الناس اللى ممكن يصيبهم الإحباط بشكل مبالغ فيه...فخلى بالك من موضوع الكمبيوتر

إنت واحد تانى بتحب تعلق أى حاجة على الحائط فى غرفتك....يبقى ده مكان خطتك

إنت بتحب تكتب كل حاجة فى نوتة صغير....يبقى ده مكان خطتك.


ودلوقت تعالى بقى نصنف المهام المطلوبة مننا حسب الأهمية وضرورة السرعة فى أدائها أو الأولوية:

قبل التصنيف حنتكلم شوية مع بعض علشان نستنتج التصنيف....كلنا يومنا ممكن يبقى فيه واجبات ضرورية..لازم تتعمل....بس تقيلة علينا وتنفيذها ممل...أهى دى بقى لو عطلتها أو أخرتها ممكن توقف يومك كله...زى إيه...يعنى الصبح مثلاً حتودى ولادك المدرسة دى حاجة ليها ميعاد وضرورية يبقى لازم حتعملها مضبوط ماينفعش تبدلها بمهمة تانية....عندك بعد كده مشوار وعندك شغلك حتعمل مين الأول....المشوار ضرورى واللا ممكن يتعمل بعد الشغل...ضرورى بس ممكن يتعمل بعد الشغل....لو عملته قبل الشغل يبقى حتحصل مشكلة لو تأخرت على شغلك...طيب لوعملته بعد الشغل حتتأخر على ميعاد المدرسة وأنت مثلاً حتجيب الولاد...طيب يبقى اعمله بعد ماتجيبهم من المدرسة....لأ كده حتتأخر أوى ومش حينفع تعمل مشوارك...طيب خلى مشوارك بعد الشغل واستئذن من الشغل بدرى شوية.....يعنى فكر ازاى تحل مشكلتك بس تبقى عارف من قبلها بيوم...ومدون الحل والحل البديل أو الحلول البديلة....تعالوا نفكر شوية كمان....

صحيت الصبح وعندك المهام اليومية اللى ممكن تختلف من شخص لأخر....بس عايز تفكر فى مستقبلك المهنى مثلاً وتراجع طموحاتك وإنت حققت إيه ويتنجز إيه؟...لاقيت نفسك الوقت بيسرقك ولاحتودى العيال المدرسة ولاحتلحق الشغل...بتحاول تقاوم وعايز تقوم تنجز بس مافيش فايدة فى حاجة معجزاك ولزقت فى الكرسى واستغرقت فى التفكير ...اعرف إنك مش عايز تعمل المهام اليومية زهقان منها...طيب إوجد حل...مشوار المدرسة بعيد مثلاً...شوف حد يوصل الأولاد....أما لو المشكلة إنك زهقان من الشغل فبتلاقى نفسك قاعد تعمل حاجة تانية غير إنك تنجز بسرعة علشان تلحق شغلك فى ميعاده يبقى إنت لازم تقعد مع نفسك وتعرف إيه السبب..قرفان من شغلك ليه؟والمشكلة اللى عندك فى الشغل ممكن تحلها ازاى والحل مش لازم يكون بإزالة المشكلة...لأ ممكن يكون بالتكيف على العمل فى وجود مالايرضيك...

طيب افرض إنك راجع من شغلك...وعند شغل جبته معاك فى البيت وعايز تخلصه بدأت الشغل أهه....الموبايل بيرن...ده زميلك فلان...بيكلمك على المشكلة الفلانية اللى حصلت فى اليوم الفلانى...عندك تليفون أرضى؟ أه خد الرقم أهه...اتصل...كانت الساعة مثلاً 7 مساءاً قعدتوا تقلبوا المشكلة يمين وشمال...والقديم والجديد والكلام كله مش مفيد ولا حيحل المشكلة ولاحيقدم ولا يؤخر...قفلت معاه لاقيت الساعة بقت 10....ضاع اليوم واتعكر مزاجك ولاعملت اللى المفروض تعمله...شفت ازاى بتضيع وقتك وما تعرفش تعمل إيه قبل إيه.

النهاردة الجمعة الصبح...نويت تخرج فى نزهة مع الأولاد..ياللا بنجهز الحاجة ونازلين....رن الجرس...أه ده قريبك فلان اللى بيجى فجأة من غير مواعيد....يااااه الفسحة شكلها باظت واللا إيه؟...حنعمل إيه فى ده نغير خطتنا...أه مراتك حتتخانق معاك ..ده اليوم اللى كنا حنخرج فيه...والعيال اتنكدوا واليوم قلب نكد وممكن يؤثر على اليوم أو الأسبوع اللى بعده

يبقى الحل إنك لازم تعمل جدول الأولويات وتحدد أولويات كل يوم على مدار أسبوع وياريت تعمله بقلم رصاص علشان تضمن المرونة لما تيجى تراجع الجدول كل يوم بالليل لليوم التالى بحيث ممكن تحط حاجة مكان حاجة يعنى مثلاً يوم الجمعة الفسحة ضرورة ...ولها أولوية وهكذا...أو جالك تليفون بالليل إن حد من أهلك عايزك فى مشكلة عاجلة يبقى حتبدل حاجة مكان حاجة.


طيب حتعمل جدولك الأسبوعى إزاى....حتكتب أيام الأسبوع....وتبدأ تحط المهام أو الأولويات المطلوب إنجازها بس لازم تصنفها والتصنيف على فكرة ممكن يختلف من شخص لأخر حسب أهمية كل أولوية...وكمان الأولويات ممكن تختلف حسب الظروف يعنى الفسحة فى أيام الشغل مش أولوية بس ممكن تبقى أولوية يوم الأجازة بحيث لاتسمح لأى حاجة تعطلك عنها....
حنصنف إزاى فى الجدول؟

ضع أيام الأسبوع فى أول عمود....وأصنع سبعةأعمدة أخرى لتصنيف المهام اليومية:

هذه الأعمدة ستكون كالأتى...ياللا اكتب فى أول عمود للتصنيف...عنوان..هام جداً عاجل...العمود اللى بعده...هام جداً غير عاجل....ثم ضرورى عاجل....ثم ضرورى غير عاجل....ثم غير ضرورى(عاجل) مضطر لها...ثم غير ضرورى(غير عاجل) تفعلها بإرادتك.

طيب والعمود السابع.....ده للملاحظات اللى حتكتبها فى نهاية كل يوم وتشوف وقتك استفدت منه وعملت اللى إنت عايزه واللا فى حاجة أو حاجات لخبطت الخطط واليوم ضاع
على فكرة المقصود بعاجل...إنك مش أنت اللى بتحدد الوقت لأ ده أنت لازم تلتزم بوقت أداء المهمة.
تعالوا نشوف معنى التصنيف:

1-هام جداً عاجل....يعنى لازم يتعمل فى مواعيده ومافيش فيها فصال....الصلاة مثلاً ومسئوليات البيت زى ما وضحنا...مواعيد المدراس...مواعيد الشغل..شغل لازم تسلمه فى ميعاد معين.
2-هام جداً غير عاجل:لازم يتعمل بس ممكن تؤجله وما ينفعش يعطل الحاجات العاجلة...يعنى عايز تشوف ازاى حتطور نفسك فى شغلك ...رائع بس مش معقول تقعد تشوف وتخطط زى ما قلنا وتتأخر على الشغل علشان كنت قاعد بتفكر.بس ده لازم يبقى له وقت...يبقى لو أنجزت المهام الهامة فى وقتها حتقدر تعمل ده.
3-ضرورى عاجل: عندك مثلاً إيميلات عايز ترد عليها....تليفون من أهلك...زيارة الأهل لأنهم طلبوك فى حاجة أو انتظار زيارة من الوالد أو الوالدة أو الأخوات.
4-ضرورى غير عاجل: يبقى هى حاجة ضرورية...بس ميعادها فى إيدك إنت تحدده:
عايز تروح لدكتور الأسنان لأنه قالك تيجى بعد فترة لم يحددها علشان يبص تانى على ضرسك اللى اتحشى وأخباره إيه.-عايز ترتب فسحة حلوة....عايز تعمل علاقات اجتماعية جديدة وأنشطة لخدمة مجتمعك.
5-غير ضرورى عاجل:...وتانى بأقول عاجل هنا تعنى إن التوقيت مش بإرادتك ولا أنت حاسب حسابه...ده حيكون زى إيه...أى حاجة تقطع عليك شغلك المهم اللى بتعمله....التليفونات...الزيارات الغير مرغوب فيها أو اللى من غير ميعاد...
6-غير ضرورى غير عاجل:وتانى بأقول غير عاجل يعنى إنت اللى بتختار التوقيت بنفسك لذلك البند ده بند التفنن فى تضييع وإهدار الوقت....ياللا حنعمل مسابقة ونشوف مين أكتر واحد حيضيع وقته...أقولكم...التلفزيون ...النت والفيسبوك بدون هدف....التليفونات اللى من غير هدف غير الثرثرة...الخروج الكتير من غير هدف
لو تفننت فى تضييع وقتك يبقى إنت ما عندكش هدف أو مش مقتنع بالهدف اللى إنت حطيته لنفسك...أو إنك طموح بس مش بتحب تتحمل المسئولية.
7-ده عمود الملاحظات....ده علشان تعرف إيه اللى ضيع وقتك كل يوم وده بتكتبه فى أخر اليوم والهدف متابعة نفسك علشان تعرف إيه المشكلة اللى دايماً تخلى يومك يضيع:
(التليفونات الكتير مثلاً- زيارات غير مرغوب فيها أو من غير ميعاد- بتقعد كتير أمام التلفزيون أو النت...وشوف ازاى حتصلح نفسك أو تعرف على ماهية مشكلتك(عدم وجود أهداف-عدم الاقتناع بالهدف-سرعة الملل والهروب من المسئولية).

المرونة مهمة جداً فى الجدول ده وتحديد ضرورى وغير ضرورى وهام وغير هام ممكن يختلف من شخص لأخر حسب رؤيته لأولوياته.


الواجب المطلوب من أصدقاء الصفحة:
وضع جدول ببنود يومية لمدة أسبوع حتى نستطيع تعلم وضع كل مهمة فى مكانها مضبوط بالجدول ونتعلم كتابة الملاحظات اليومية..ونرى كيف يمكن أن نحسن ونعالج مشكلتنا بإذن الله.

د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

الاثنين، 14 مارس 2011

لا أستطيع ترتيب أولوياتى

أعرض الاستشارة بشكل تفصيلى حتى تكون مفيدة بإذن الله لصاحب الاستشارة وللعاملين فى المجال النفسى

المشكلة:

عندي أزمة في ترتيب الأولويات مش عارف ليه نفسي أعمل جات كتير وممكن مش أعمل منها غير حاجات بسيطة
هودا طبيعي ولا أنا أكون بأتكلم أكتر من إني بعمل

الرد على الاستشارة

ياترى عدم القدرة على ترتيب الأولويات ده ممكن فعلاً يبقى مشكلة؟ وهل ده محتاج علاج.
علشان نرد على ده يبقى لازم نعرف هل عدم القدرة على ترتيب الأولويات ده شئ متكرر؟...يعنى هو القاعدة فى حياة السائل واللا دى حاجة طارئة؟...يعنى هو ممكن يحصل كحاجة عارضة فى حياة أى حد؟..أه فعلاً ممكن يحصل لأى حد لو عنده اكتئاب أوقلق أو بيواجه ضغوط خارجية...لكن اللى عنده مشكلة عدم القدرة على ترتيب الأولويات بشكل مزمن يبقى لازم نعرف إن هنا فعلاً فى مشكلة فى أحد وظائف المخ التى تقوم بدور السكرتير التنفيذى فى أى شركة...وهو إيه الدور الأساسى لأى سكرتير تنفيذى فى أى شركة؟ دوره الاشراف على والتنسيق بين أفراد العمل ودعم وإدارة التواصل بين أفراد العمل....وتحديد إيه يتنفذ وإيه يستنى أو يتأجل وننفذ إيه قبل إيه؟...وهو فى حاجة زى كده فى المخ؟..طبعاً فى المخ فى وظيفة مهمة اوى اسمها الوظائف التنفيذية للمخ....ياللا نستعد علشان نفهم إيه الموضوع ده؟
يعنى إيه وظائف المخ التنفيذية؟
سأوضح من خلال مثال بسيط....افترض إنك بتحب الشيكولاتة....إذن فى معلومة مخزنة عن حب الشيكولاتة....ولاقيت حد جابلك شيكولاتة....حيكون تصرفك إيه؟ المفروض إنك حتفتح الشيكولاتة وتاكلها...طيب افرض إنك فى نفس الوقت عامل دايت يبقى عندك معلومة تانية مخزنة مفادها إن وزنك زاد ولازم تمنع نفسك من الشيكولاتة طيب التصرف النهائى حيتحدد ازاى؟ يتحدد بناء على التنسيق بين كل هذه المعلومات اللى المفروض هنا السكرتير التنفيذى حيوقف الاستجابة بناء على معلومة معينة وحينفذ سلوك بناء على معلومة أخرى أحدث وأكثر فائدة....هذا هو الجهاز التنفيذى للمخ...
إذن تعالوا نلخص سريعاً مهام الجهاز التنفيذى للمخ:
1-وضع الأهداف...أى حاجة بأعملها...لازم أعرف أنا بأعمل ده ليه؟
2-وضع الخطة فى الذاكرة العاملة بينما أنت تبدأ فى التنفيذ...بنود الخطة مختزنة وفى متناول عقلك تستدعيها كيفما شئت( زى فكرة الرامات فى الكمبيوتر....تستدعى أى حاجة من الهارد ديسك فى أى وقت لدمجها فى ملفات أخرى أو الاستفادة منها فى ملفات أخرى أو تعديلها).
3-البدء فى تنفيذ الخطوات بالترتيب.
4-المرونة فى تنفيذ الخطط....يعنى ممكن استبدال خطوة بأخرى....وممكن ايجاد خطوة جديدة تماماً تبعاً لما تواجهه من ظروف....القدرة على حل المشكلات والمرونة فى تنفيذ الخطة.
5-الانتباه الجيد وضبط الانفعالات حيال أى تحديات قد تواجهك أثناء تنفيذ خطتك لإنجاز هدف معين.
6-القدرة على تقييم أداءك ونتائج خطتك ومدى فعاليتها وهل يمكن الاستفادة منها كاستراتيجيات لإنجاز أهداف أخرى مستقبلية.....إذن سيتم تخزينها على أنها خطة فعالة يمكن استدعاءها عند الحاجة.

والأن ماهى مراكز المخ المسئولة عن هذه الوظائف.....تعتبر الوظائف التنفيذية للمخ هى أحد اهم الوظائف للفص الأمامى أو الجبهى للمخ...

وما هى أسباب تعطل هذه الوظائف كلها أوبعضها؟

بالطبع سيكون أى إصابة للفص الأمامى للمخ...وقد تكون الإصابة تركيبية...أى تؤثر بشكل عضوى يصيب تركيب المخ: وقد يحدث ذلك نتيجة للإصابات الناتجة عن الحوادث –جلطات المخ- الأورام-عته الشيخوخة- وفى كل هذه الحالات يكون هناك مصاحبات وأعراض تعتبر هى الأعراض الأساسية كضعف العضلات أو الشلل-أو ارتفاع ضغط المخ أو تاريخ الإصابة وخلافه وهنا نجد الإصابات واضحة من خلال الأشعة المقطعية والرنين وهذا ليس موضوع استشارتنا

وقد تحدث نتيجة لخلل وظيفى
أى لايوجد سبب عضوى وهذا هو موضوع استشارة اليوم....

والخلل الوظيفى يعنى خللاً على مستوى الخلايا العصبية وتشابكها معًا بتنظيم شبكى معين
وقد يحدث هذا الخلل كعرض لبعض الاضطرابات النفسية:
مثل الفصام والاكتئاب والوسواس القهرى واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وهو أكثر الاضطرابات التى تؤثر فى الوظائف التنفيذية للمخ

كما يمكن أن تكون المشكلة فقط متعلقة بالخبرات الحياتية الأولى التى تؤثر فى تنظيم وترتيب خلايا المخ فى تكوينها الشبكى....أى نقص التدريب اللازم لإنماء الوظائف التنفيذية للمخ...وهذا يحدث نتيجة نمط المعاملة الوالدية للطفل...فنمط المعاملة الوالدية هو الذى يسمح لنمو هذه الوظائف من خلال التدريب على التخطيط والمرونة وحل المشكلات وضبط الانفعالات وسنشرح ذلك لاحقاً بإذن الله وكيف تؤثر المعاملة الوالدية فى إنماء هذه الوظائف...

لكن هل يعنى ذلك أن تأثير المعاملة الوالدية بشكل معين قد يؤثر بشكل دائم غير قابل للتغير على هذه الوظائف....الإجابة لا...لأن من حكمة المولى سبحانه وتعالى أن جعل تشابك وتنظيم الخلايا العصبية للمخ أمر قابل للمرونة والتغيير إذا ما تغيرت البيئة المحيطة خاصة فى السنين الأولى من العمر(الست سنوات)....لكن هل هذا يعنى أن بعد عمر ست سنوات لايمكن اصلاح هذه المشكلات..مرة ثانية الإجابة لا لأن التدريب المعرفى يستطيع أن يغير فى شكل وتنظيم الخلايا بحيث يحدث تغييراً دائماً.

إذن فالعلاج يمكن أن يغير الأمر برمته ويحدث تغييراً شاملاً...وهكذا العلاج النفسى السليم لابد أن يحدث تغييراً بيولوجياً

وسأوافيكم بالبرنامج العلاجى المعرفى لترتيب الأولويات وتعلم التخطيط بإذن الله.

د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

الجمعة، 24 سبتمبر 2010

مهارات التواصل فى العلاج النفسى (3)

مهارات التواصل فى العلاج النفسى (3):

المعالج يعكس مشاعر المريض:

أصدقائى الأعزاء :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

ما المقصود بدور المعالج فى أن يعكس مشاعر المريض؟....ببساطة نستطيع أن نقول أنه سيعمل كما المرأة العاكسة لتعكس الضوء فى وجه الأخر....إنه هنا يعكس المشاعر للمريض لكى يراها....وهل نعنى بذلك أن المريض لايرى مشاعره؟نعم هذا مانقصده....فكثير منا قد يدرك مشاعره ولكنه يتجاهلها أو يدركها ويحاول كبتها باذلاً جهداً عظيماً فى ذلك وقد يتطور الأمر بمن اعتاد تجاهل مشاعره وإنكارها إلى أنه لم يعد يدركها على الإطلاق...إنه لا يود أن يعايش خبرة شعورية ما فى الغالب هى تؤلمه ....لكن هذه الخبرات الشعورية بمثابة الطاقة المختزنة التى لاتفنى ولاتستحدث من العدم ولكنها تتحول من صورة إلى أخرى فأنت اليوم قد تنكر مشاعرك وتتجاهلها لكنك أصبحت تعانى من الأرق ....من القلق....من الإكتئاب.....من صعوبة التكيف.....من الفشل فى العلاقات الإجتماعية....من سرعة الغضب... أو من بعض الأمراض النفسجسمية كالضغط والقولون العصبى واضطراب ضربات القلب أو قرحة المعدة او.....الخ لكنك لا تعرف لذلك سبباً....إنها المشاعر التى أردت إخفاءها فباتت تنهش فى عقلك .....وأنهكتك مقاومتها ....إنها تود الخروج من القمقم....إنها كالمعادن فى باطن الأرض التى تنذر بزلزال وشيك قد يهز كيانك وتنهار معه نفسك فى أى وقت....أو بركان يغلى بما فيه منذراً بخروج حمم تحرق كل ما حولها ....دعونا نتعلم كمعالجين كيف نساعد المريض على إدراك المشاعر والتصالح معها حتى تهدأ ثورة البركان.....تعالوا معى فى هذا المثال البسيط لنتصور به كمعالجين كيف يكون الحال إذا كان المريض يجهل مشاعره ولايدركها..... بينما أنت جالس فى غرفتك ومنهمك فى عمل ما وفجأة دخل أحد الأشخاص عليك ولوح لك وأنت لاتعرفه...للحظة نظرت إليه....ورأته عينك لكن لم تلقى له بالاً فيما بعد واستأنفت عملك وانصرف هذا الشخص....لكن فوجئت بعد ذلك بصورة هذا الشخص تطاردك ثم رأيته مرة أخرى ولوح لك فقررت أن تعرف ذلك الشخص الذى يقتحم غرفتك فجأة ويسلبك انتباهك ويعطلك عما تقوم به من عمل ....لقد قررت أن تعرفه وتعرف كيف تتعامل معه حتى لايعاود هذا الإقتحام وحتى لايقطع حبل أفكارك مرة أخرى....هكذا المشاعر التى ننكرها هى مثل هذا الشخص الذى يلوح لنا ويقتحم عقولنا التى هى مثل الغرفة التى كنت تقوم فيها بعملك ...هكذا المشاعر المكبوتة تظهر بين الحين والحين تلوح لنا وتهدد قوة الإنتباه والتركيز فى العمل لأننا لانعرف كيف نتعامل معها ونثنيها عن اقتحام غرفتنا أو عقلنا وانتهاك خصوصيتنا....إذن لابد أن نتعرف على المشاعر جيداً....لكن كيف نرى محاولة إنكار المشاعر فى الجلسة النفسية
1-قد يتحدث المريض فى أمر ما ثم تلاحظ أن عينيه قد امتلئت بالدموع أو اختنقت كلماته وحاول تغيير مجرى الحوار أو توقف فجأة عن الكلام....إنه هنا يتجنب معايشة الخبرة الشعورية المؤلمة المتعلقة بالحوار فى هذه النقطة.....إحتفظ فى رأسك كمعالج بمحتوى هذا الحوار ودونه فى أوراقك....لقد اقتربت الأن من المشاعر المؤلمة التى يتجنبها والتى ستجعلك تخطط للحوارات القادمة.
2-قد يتحدث المريض فى أمر شديد الإيلام لكنه متماسك ولايبدو عليه أى مظهر من مظاهر الضيق....إنه يتحدث ويفلسف الخبرة المؤلمة....إنه يفصل الأفكار التى يناقشها عن المشاعر....مثلاً يقول (لقد تزوجت أمى بعد طلاقها من أبى وعشت مع جدتى إن أحداً منهم أبى أو أمى لم يكن يتذكرنى لقدوا عاشوا حياتهم....ثم يعقب هذا من حقهم أن يختار كل منهم حياته خاصة وأنى أذكرهم بحياتهم المريرة معاً....المريض هنا يستخدم حيلة عقلية دفاعية ألا وهى العقلنة....إنه يبرر لكن خبرة الألم لا يعايشها ومن ثم تحول الألم إلى أعراض....إن الإعتراف ومعايشة الخبرة كفيل بأن يخفف ويداوى كثير من الجروح و الألام النفسية.

كيف تساعد المريض على الخوض فى الخبرة الشعورية ؟

إذا وجدت المريض وقد احمر وجهه ويحاول مقاومة دموعه فيمكنك أن تقول له:

- أنا شايف إن عينيك مليانة دموع.
- لو حاسس إنك محتاج تعيط عيط.


لابد أن تكون نبرة الصوت منخفضة حانية متعاطفة.

مثل هذه التعبيرات تساعد المريض/طالب المشورة على البدء فى البكاء ومعايشة الخبرة الشعورية.


لاتقطع نوبة البكاء فأنت لست مثل عامة الناس...أنت معالج فلا تهم بأن تربت على كتفه وتواسيه بكلمات مثل (ماتعيطش-معلهش....الخ) بل التزم الصمت وانظر فى عينيه بتعاطف .....انتظر والتزم الصمت حتى تنتهى نوبة البكاء......تذكر أن مقاطعة نوبة البكاء تؤدى إلى هروب الخبرة الشعورية التى نريد مواجهتها....لأن المعايشة هى ألف –باء التئام الجروح النفسية فى العلاج النفسى.

أمثلة لتعليم المريض/طالب المشورة تحديد المشاعر ومعايشة الخبرة الشعورية):

مثال (1):

المريض/طالب المشورة:كثير قوى كنت متوقع إن أمى تهتم بى أكثر من كده...هى صحيح بتعمل لى كل حاجة من الأكل والشرب والإهتمام بلبسى لكن هى عمرها ما قربت من مشاعرى ولاحسيت بحنانها وحبها كنت بأحس إنها بتعمل كل ده من غير مشاعر لدرجة إنى بقيت أحس ساعات إنها مش بتحبنى وتقريباً ما بقاش عندى أمل فى إنها تتغير وإنى فى يوم من الأيام أحس بحنانها.

المعالج:إنت حاسس بالإحباط....أو إنت محبط....أو إنت متألم أو إنت حاسس بألم.

مثال(2):
المريض / طالب المشورة:الشغل الجديد ده مختلف تماماً عن الشغل القديم....عندى أوضة خاصة بى ومكتب محترم ومواعيد الشغل مناسبة والمدير راجل لطيف جداً حاسس إن جو الشغل كله رائع بصراحة.
المعالج:إنت حاسس إنك سعيد....أو إنت سعيد فى شغللك الجديد.

المريض/طالب المشورة:
الجيل الجديد ده بقى شئ صعب قوى...مافيش احترام خالص...كلام وألفاظ مايصحش تتقال....بنات بيلبسوا زى الرجالة ورجالة مطولين شعرهم ولابسين حلقان وسلاسل كان زمان الناس تقول للراجل الكبير ياعم أو ياحج دلوقت تصور عيل فى الأتوبيس وأنا فى سنى ده بيقول لى ما توسع ياكابتن

د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

الأحد، 12 سبتمبر 2010

مهارات التواصل فى العلاج النفسى(2)

إعادة الصياغة الحوراية:
أشرنا مسبقاً أننا لانقصد بالعلاج النفسى الفضفضة التى تدخل فى سياق التداعى الحر على طريقة فرويد فهذا الأسلوب فى العلاج يستهلك الوقت والجهد والمال حيث يترك المريض يتكلم بحرية فى أى فكرة تأتى برأسه بينما يجلس المعالج فى مقعد خلف المريض بحيث لايكون فى مجال رؤيته بحيث يركب ألة الزمن عائداً للوراء مبحراً فى ذكرياته المؤلمة التى دفنها فى رأسه منذ زمن بعيد لأنه لايقوى على رؤيتها ومواجهتها ومن وقت لأخر تهدده هذه الذكريات بالخروج من حيز اللاوعى فيعمل العقل بكل ما أوتى من قوة على إعادة دفنها من خلال ما نسميه الحيل العقلية -والتى سيرد شرحها فيما بعد -ومع زيادة حدة الحيل العقلية لإخفاء الحقائق المؤلمة تنتج الأعراض النفسية ومن ثم فإن التداعى الحر هو طريقة قديمة تهدف إلى إنطلاق الحقيقة من اللاوعى إلى العقل الواعى بحيث يراها المريض وينتج عن ذلك الخبرة الشعورية المؤلمة التى من شأنها أن تعمل على الشفاء بشكل تلقائى وهكذا يكون دور المعالج سلبياً إلى حد كبير لكن الأن ومع استخدام أليات متعددة فى العلاج النفسى أصبح للمعالج دور نشط وإيجابى أثناء الجلسات العلاجية وهنا أود أن أذكركم بمعلومة هامة وهى أننا لاننكر دور التحليل النفسى وفهمه واستيعابه حتى نفهم الأبعاد الدينامية التى أدت لظهور الأعراض لكننا نستعمل طرقاً علاجية أكثر إيجابية وتفاعلاً مع المريض لنساعده على مواجهة مايراه وكيف يغير مارأى من خلال تقوية وتدعيم الذات.لذا سنتكلم هنا عن أول ما يجب أن يتعلمه المعالج النفسى عن دوره النشط والفعال أثناء الجلسات النفسية وهو إعادة الصياغة الحوارية أثناء الجلسة.لكن ما هو المقصود بإعادة الصياغة الحوراية؟
حينما يأتى المريض للجلسات النفسية فإنه يأتى إلينا بالأعراض من قلق واكتئاب وما يصاحبها من خلل فى العلاقات الإجتماعية والنجاح الأكاديمى أو التقدم الوظيفى وصعوبة التكيف بوجه عام وهنا لايدرك المريض حقيقة الأفكار أو المفاهيم القابعة فى اللاشعور والتى نجح العقل فى كبتها من خلال الحيل العقلية وبالتالى حينما يبدأ فى الحديث عما ألم به وطلب من أجله المساعدة فإنه يتحدث فى الأعراض الظاهرة أو ما يترتب عليها من مشكلات خاصة بالتكيف الإجتماعى وقد يأتى حديثه مسهباً غير واضح المعالم فلايشير إلى نقطة بذاتها فهو غير مرتب والأفكار تبدو وكأنها تتلاحق بطريقة عشوائية لاتصيب الهدف ولاندرك من خلالها ما نسميه بالفكرة المحورية التى نسعى دائماً لأن نجعل المريض قادراً على تحديدها بحيث أنه لو أدركها لاستنتج بعد ذلك ما يترتب على هذه الفكرة من أفكار تابعة ومشاعر سلبية تزيد من حدة الأعراض وتؤدى إلى مزيد من الأفكار السلبية وهكذا...إذن مانقصده بإعادة الصياغة الحوراية فى الجلسة هو أن يلتقط المعالج أهم العبارات; والتفاصيل التى يراها ذات دلالة فى حوار المريض ويصيغها بشكل منطقى ومترابط ومحدد الهدف بحيث يساعد المريض على إعادة ترتيب الأفكار بشكل يحدد الفكرة الأساسية التى أنتجت مشاعراً سلبية ومزيداً من الأفكار السلبية أيضاً..إنها عملية تحتاج لما نسميه بالإستماع النشط...إنه الإنصات الجيد الذى يعد أهم مهارة فى التواصل مع المريض النفسى ...إنك تسمع وتحلل وتلتقط الأفكار وتعيد الصياغة فيدرك المريض ماوراء الأعراض....والأن فلنعرض بعضاً من الأمثلة التى تشير إلى كيفية إعادة الصياغة الحوارية فى الجلسات

مثال(1)
المريض/طالب المشورة:أنا بأتخانق مع بنتى وجوزى مش بيتكلم معايا ورئيسى فى الشغل حاططنى فى دماغه والأكثر من كده إن صاحبتى الأنتيم بقت تتهرب منى مش بترد على تليفوناتى:

المعالج:واضح إنك عندك العديد من المشكلات فى علاقتك بالأخرين.

(مثال 2):
مراتى علطول متضايقة منى ومش عاجبها أى حاجة بأعملهاومهما بأحاول هى برضه مش سعيدة... إمبارح ساعدتها فى المطبخ بس للأسف اتضايقت جداً بتقول إنى بهدلت الدنيا فى عيد جوازنا اشتريت لها فستان بصت كده وقالت شكراً وكل سنة وأنت طيب بس حسيت غنها مش مبسوطة بعد فترة قالت إن اللون ده مش بيعجبها مع انها بتلبسه وشفته فى هدوم عندها.حبيت أعزمها على العشا فى يوم الأسبوع اللى فات بعد مارحنا المطعم وده مطعم غالى قوى وفخم جداً لقيتها بعد ما قعدنا بتقول إنها مخنوقة ومش عايزة تقعد فى المكان ده.
المعالج:يبدو إنك مش عارف إزاى تسعد مراتك.

حوار بين المعالج وطالب المشورة/المريض لتوضيح استخدام الإستجابات المحدودة-وإعادة صياغة المحتوى:

:

المعالج: مدام (أ) حضرتك قلت لى إنك عايزة تتكلمى معايا فى موضوع...ياترى ممكن تقول لى إيه اللى مضايقك


مدام (أ): أنا زهقانة جداً من اللى بيحصل فى الشغل...أنا بقيت أحس بضغط نفسى شديد قوى وأنا هناك.

المعالج(تواصل بصرى)واستجابة:إم إم

مدام (أ): أنا بقيت أحس إنى غريبة فى وسط بعض الزملاء ورئيسى فى العمل أنا مش على نفس الموجة بتاعتهم.

المعالج:يعنى إنت مش أهل(لاتصلحى) للعمل المطلوب منك مثلاً؟

مدام (أ): لأ إطلاقاً...كل الموضوع إنى مش موافقة على السياسات اللى وضعتها الإدارة العليا بخصوص التعامل مع العملاء لأن ده مش ماشى خالص مع اللى اتعلمته واتدربت عليه واكتسبت فيه خبرة على مدار العشر سنين اللى فاتوا.

المعالج:تمام أو عظيم- أو نعم نعم.

مدام (أ):أنا بالطريقة دى هأغير طريقتى فى الشغل تماماً.

المعالج:يعنى عايزينك تشتغلى بطريقة لاتناسبك.

مدام (أ):بالضبط كده وعشان كده أنا بدأت أفكر بشكل تانى...إما إنى أستقيل أو أغير مبادئى والطريقة اللى أنا إتعودت عليها فى الشغل طول السنين اللى فاتت.
المعالج:اختيار صعب.

مدام (أ):فعلاً.

المعالج:صمت-تواصل بصرى وانتباه

مدام (أ):بس على فكرة أنا مش عارفة قرار الإستقالة ده صح واللا لأ...أنا وظيفتى كويسة ومرتبى كبير وبأحب شغلى ومش من السهل الواحد يلاقى شغل فى مكان تانى...المفروض إنى أعمل اللى أنا شايفاه يناسبنى وفى نفس الوقت ما أخسرش شغلى.

المعالج:كده تقريباً إنت أميل لقرار البقاء فى شغلك.

مدام (أ):تقريباً بس كده لازم أفكر فى إيه اللى محتاجة أعمله علشان أقدر أستمر فى شغلى.

المعالج:ام ام

مدام (أ):لو استمريت فى شغلى بالطريقة اللى أنا مقتنعة بيها حا أكون مستريحة بس ده حيسبب لى مشاكل مع الإدارة لأنى مش بأتبع اللوائح الجديدة أعتقد إنى لازم أبدأ أغير شوية طريقتى أو أسلوبى علشان أقدر أستمر من غير مشاكل .

المعالج:إنت محتاجة ترضى المدير والإدارة عموماً وفى نفس الوقت إنت تكونى مقتنعة ومستريحة.

مدام(أ): فعلاً أنا محتاجة ده....علشان جو الشغل ما يبقاش نكد زى ما أنا بأحسه دلوقت وده اللى بيخلينى بأحس بضغط نفسى فظيع وأنا فى الشغل...متهيألى إنى عنيدة شوية وبأقاوم التغيير أو بأخاف منه مش عارفة...

المعالج:إم إم

مدام(أ):تقريباً فعلاً هو ده الموضوع الأساسى أنا بأخاف أو مش بأحب التغيير وده معناه إنى أفضل فى شغلى أنا لو غيرت بعض أساليبى فى الشغل أكيد حيكون أرحم بكتير من إنى أغير شغلى كله.
المعالج:التغيير شئ صعب بالنسبة لك؟

مدام (أ):فعلاً بس لازم أعمل ده وده معناه إنى أوافق إنى أخد تدريب علشان أقدر أشتغل بالطريقة الجديدة ....أنا لو فهمت طريقة الشغل الجديدة ده حيدينى ثقة اكتر بنفسى بس أنا مش حابة فكرة إنى أكون بعد السنين دى بأخد تدريبات مع ناس صغيرة وأكون قدامهم محتاجة تدريب بعد كل سنين الخبرة اللى فاتت.

المعالج:أه أهه.

مدام (أ):هو ده الواقع اللى أنا مش قادرة أقبله إنى علشان أشتغل بالطريقة الجديدة أنا محتاجة تدريب.

المعالج:إنت حاسة إن الناس اللى حواليك لازم يقدروا خبرتك؟

مدام (أ):بعد السنين دى حاسة إنى كأنى بقيت كائن منقرض ...خبرتى بقت كلام قديم وأنا بقيت ستايل قديم وفكرى متحجر من وجهة نظرهم.

المعالج:أهه...شايفين إنك ما عندكيش قدرة على التطوير والتكيف مع الجديد.

مدام (أ):بالضبط...أنا يمكن تكون خبراتى قديمة لكن أنا عندى مرونة وأقدر أغير وأقدر أتعلم وحاأوريهم إزاى إنى مش من العصر الحجرى وإنى أقدر أتعلم حاجات جديدة.

المعالج:قررت إنك تقبلى التحدى؟

مدام (أ):لازم أعمل كده مش عايزاهم يقولوا على إنى من العصور الوسطى زى ماسمعت من واحد من زمايلى لأنى فعلاً أقدر أطور نفسى

المعالج:أعتقد إنك كده استنتجت اللى المفروض تعمليه

مدام(أ):فعلاً أنا متشكرة جداً.

السبت، 11 سبتمبر 2010

مهارات التواصل فى العلاج النفسى(1)

 حينما نتحدث عن العلاج النفسى وكيف نعد معالجاً نفسياً فلا بد أن نتذكر أن ألف باء علاج نفسى تعنى كيف تتواصل مع المريض لكى تبنى أسس العلاقة الإنسانية بينكما حتى تزول رهبة المريض وهلعه من إفراغ ما فى جعبته من أفكار أو مشاعر .....ربما تكون على علم ودراية بنظريات علم النفس وطرق العلاج المختلفة لكن تكرر معك أن يأتيك المريض ولاتراه ثانية بعد عدة جلسات أو ربما ثالث أو ثانى او حتى أول مقابلة حينئذٍ لابد أن تقف وتراجع نفسك فى طريقة تواصلك مع المريض لابد ان تسأل نفسك سؤالاً واحداً.....هو ماجاش تانى ليه؟أو الأحرى أن تقول لماذا هرب ولم يعد؟ والأن سنبدأ بإذن الله أول خطوات الإعداد للعلاج النفسى مع الجزء الأول من مهارات التواصل فى العلاج النفسى...
1-ماهى العلاقة العلاجية


العلاقة العلاجية هى علاقة إنسانية فى المقام الأول بين المريض والمعالج  وهى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة المعالج على الإنصات والإنتباه الجيد لكل مايقوله المريض أو طالب المشورة مع تمتع المعالج بقدرة عالية من الذكاء العاطفى الذى يدرك من خلاله مشاعر المريض فيكون لديه القدرة على التعاطف معه بشكل طبيعى غير مصطنع مما يؤدى إلى بناء جسر الثقة بين المريض والمعالج والذى يضمن استمرار المريض فى الجلسات العلاجية.
فى العلاج النفسى الإنطباعات الاولى تدوم فكن حذراً وتذكر مايلى

• الإنطباع الأول للمريض أوطالب المشورة تجاه المعالج يتحدد إلى حد كبير بالمقابلة الأولى.
• قدرة المعالج على إعطاء إنطباع جيد ستؤثر تأثيراً كبيراً فى شعور المريض بالرغبة فى التواصل وأن يبوح بكل ما فى صدره من هموم.
• تذكر أن العلاقة العلاجية وإن كانت تتحدد بأول مقابلة ألا إنها علاقة مستمرة وممتدة فى المقابلات المتتالية.

إ
ذن كيف تخلق انطباعاً جيداً من المقابلة الأولى؟

1-كيف ترحب بالمريض؟
• لابد أن يشعر المريض بالترحاب وأنك تحترم أدميته وتشعره بأنه إنسان يستحق التقدير كغيره من البشر(تذكر أن أغلب المرضى يشعرون بالدونية ويعانون من نقص التقدير من الأخرين سواء كان هذا شعوراً حقيقياً أم وهمياً).
• كن طبيعياً وتلقائياً ولاتضع نفسك فى قالب معين بمعنى أن تتذكر أنك إنسان وبشر كالأخرين فلاتتعامل بتعالٍ على إعتبار أنك من يحل مشاكل الأخرين ومن يفهم كل من حوله وكأنك بلاهموم أو من كوكب أخر
• إحذر أن تشعر أنت نفسك بالدونية إذا كان طالب المشورة أو المريض ذو شأن أو مركز مرموق أو سبق له العلاج عند المشاهير من الأطباء والأخصائيين النفسيين.
• كن هادئاً ولاتنسى إعتبار اختلاف الثقافات والعادات فلاتبادر بالسلام باليد إلا إذا شعرت أن المريض يبادر بذلك حيث أن البعض يعتبر أن سلام اليد أمر مبالغ فيه عند التعرف لأول مرة ومن ثم تكن مقتحماً لذاته.



2-ملاحظة المريض/طالب المشورة:

• تعلم أن تستنتج بعض الأمور الخاصة بالمريض /طالب المشورة من خلال ملاحظته فى ملبسه وطريقة كلامه ومشيته وجلسته فقد يفيدك ذلك كثيراً فى توجيه أسئلة محددة بذاتها بإعطائه فكرة عن حياة المريض ومستواه الإجتماعى ومدى تناسق وتواؤم ذلك مع مظهره وسلوكه.
• فى ذات الوقت تجنب أن تكون استنتاجاتك مطلقة فقد نخطئ أحياناً فى تصوراتنا.

3-إجعل المريض يشعر بالراحة والطمأنينة فى الجلسة:
• إذا كانت هذه هى الجلسة الأولى فاحرص على تقديم نفسك للمريض /طالب المشورة بينما تستقبله فى غرفة الإنتظار وتأخذه لغرفة العلاج/المشورة.
• لابأس من الدردشة فى موضوعات عامة حتى تعمل على تهدئته فهو فى الغالب يشعر بحمل ثقيل عند حضوره لأول مرة للمعالج أو المستشار النفسى.
• قبل الشروع فى الحديث عن المشكلة الأساسية وبينما أنتما فى غرفة العلاج/المشورة لابأس أن تحدثه أيضاً ولو لدقائق فى موضوعات عامة مثل كيف أتى إلى هنا وكيف واجه الزحام المرورى وهل كان الوصول إليه صعباً وذلك قبل دعوته للبدء فى الحديث.
• إذا كنت قد قابلت المريض/طالب المشورة قبل ذلك فلاداعى للدردشة حيث أنه فى هذا الوقت تمتلئ رأسه بالأفكار الخاصة بمشكلته والتى ربما عصف بها ذهنه بعد مقابلته الأولى لك فلاداعى لأن تشتته أو تساعده على طرد هذه الأفكار حتى يبدأ فى الحوار ومناقشتها فور دخوله لغرفة العلاج/المشورة.

4-كيف تساعده على البدء فى الحديث؟

قد يجد المريض/طالب المشورة صعوبة فى بادئ الأمر ليبدأ فى الحديث وفيما يلى بعض العبارات المقترحة التى قد تساعده على البدء فى الحديث:
1- ياترى ما الذى جعلك تقرر مقابلتى اليوم؟
2- ياترى إيه اللى تاعبك؟
3- ياترى نفسك تكلمنى فى إيه؟أو عن إيه؟
الإستجابة المحتملة:فى الغالب لها أحد شكلين:
1-شخص تجعله هذه العبارات يشعر بالقلق والحرج لشعوره أنه يتسبب فى ضياع وقتك ومن ثم يبدأ فى الحديث بشكل سريع ويحاول التكلم بسرعة واضحة وهنا يجب تهدئته وطمأنته أن وقتك يسمح بسماعه وأن لديه الفرصة الكافية للتحدث فيما يريد بهدوء.
2-شخص مازال حائراً وربما يقول لك لاأعرف من أين أبدأ الكلام؟حينئذ يمكن أن تقول له إبدأ الكلام من أى نقطة تأتى على رأسك بشكل عفوى مهما كانت تفاهة الفكرة من وجهة نظرك وحتى وإن خرج كلامك غير مرتب فلا بأس سنرتبه ونفهمه معاً.

5-لاتعطى قرارات فى حياة المريض/طالب المشورة:
تذكر جيداً أنه ليس من مهامك كمعالج نفسى أن تعطى قرارات تخص حياة المريض/طالب المشورة وإنما مهمتك الأساسية هى الإستماع الجيد والإنصات والفهم والتوضيح ومن خلال ذلك ستظهر الحلول للمشاكل من تلقاء نفسها ويجب أن يكتشفها المريض بنفسه حينئذ سيدرك أن له القدرة على حل المشكلات وإتخاذ القرارات.

ما هو مفهوم الإنصات فى جلسة العلاج النفسى:

• الإستماع والفهم الجيد لكل ما يقوله المريض/طالب المشورة.
• إعطاء استجابات لفظية محدودة من وقت لأخر أثناء الجلسة والتى تشير إلى إنصاتك ومتابعتك له مثل:أه....إممم....معاك....طبعاً....ياه....فعلاً؟
• استعمال لغة الجسد فى التواصل:مثل تعبيرات الوجه والتواصل البصرى وهنا يجب الإنتباه جيداً ألا تعطى تعبيرات الوجه رسائل سلبية مستمرة تجاه مايقوله المريض/طالب المشورة بل يجب أن تكون مدركاً لتعبيرات وجهك وكيف يمكن أن توظفها لمساعدة المريض/طالب المشورة فى نقل الرسائل التى تساعده على فى سير العملية العلاجية أى لاتجعل تعبيرات الوجه تعبر عن أرائك واتجاهاتك الشخصية بل كن موضوعياً.كما يجب أن تتذكر الإعتبارات الثقافية فيما يخص التواصل البصرى فلاينبغى أن تطيل التواصل البصرى بل إجعله بشكل معتدل يهدف إلى توصيل رسالة أنا معك وأتابعك باهتمام.
• نغمة الصوت :من حيث الإرتفاع والإنخفاض وسرعة الكلام....استعمل كل هذا بحيث يساعدك فى توصيل رسالة تفيد بأنك تتواصل وتتفاعل مع المريض/طالب المشورة جيداً وربما تجعل نغمة صوتك أحياناً تماثل نغمة صوته من حيث الإرتفاع ثم تهدأ أنت فجأة فتساعده بذلك على الإسترخاء.
• الصمت:إذا شعرت بأنه لاشئ فى رأسك لتقوله فمن الأفضل أن تصمت فالعلاج النفسى أو المشورة لايعنى أنك طوال الوقت لابد أن تتكلم بل على العكس إن الكلام فيما لايفيد أو الكلام الذى لايوظف بشكل يفيد فى العملية العلاجية فى الغالب يجعل المريض يخرج من الجلسة مشوشاً ولايصله مضمون الرسائل التى تفيد فى عصف ذهنه للتفكير فى ذاته ومشكلاته ليأتى فى المرة التالية وقد اكتشف شيئاً جديداً للنقاش.

لماذا إعداد معالج نفسى؟

ماذا تعنى كلمة علاج نفسى؟هل هى العلاجات الدوائية التى تؤثر فى كيمياء المخ وتحاول أن تعيد وتضبط إيقاع المخ إلى حالته السابقة قبل الوعكة النفسية؟أم أنه العلاج بالكلام وصورة المريض الذى يستلقى على الشيزلونج كما نراه ونتصوره دائماً من خلال ركام من الصور والمشاهد التى طالما عرضتها السينما حتى تصور البعض أن العلاج النفسى هو مهنة الكلام والفضفضة...فى واقع الأمر أنا لاأقصد هنا العلاج الدوائى الكيمائى لأن مكانه العيادة النفسية ولاأقصد الشيزلونج الذى نترك فيه المريض للتداعى الحر على الطريقة الفرويدية وإنما أقصد ربط نظريات علم النفس التحليلى وما تلاها من نظريات أخرى بحيث نفهم كيف يحدث المرض النفسى وما هو تأثير الخبرات الحياتية فى الطفولة ومابعد الطفولة على إيجاد النواة التى تتراكم عليها المفاهيم المحطمة للذات ثم كيف يؤثر الإستعداد النفسى التكوينى البيولوجى الموروث على الإنسان فيتفاعل مع هذه المفاهيم الهدامة لينتج عنها خلل فى المشاعر والتفكير والسلوك....إن هدفنا من إعداد المعالج النفسى هنا أن نصل إلى مايسمى بالعلاج النفسى المتكامل الذى يبحث ويتفحص فى البعد الدينامى للمرض النفسى لكنه يهدف إلى ما هو أبعد من ذلك بحيث لانترك المريض يواجه الخبرة المؤلمة وأن ما هو عليه يرجع لسوء معاملة أو إهمال أوخبرات أسرية مؤلمة ونتركه وحيداً بعد ذلك فى أدغال الذكريات المؤلمة ليندب حظه ويصيبه الحنق والغضب تجاه أسرته ويصب اللعنات على ماضيه.... لكننا من خلال العلاج المتكامل نجعله يفهم كيف حدث المرض ثم يرى ذاته ويرى مشاعره ومفاهيمه الكامنة فى اللاشعور وكيف أثرت سلباً على ثقته بنفسه وإحساسه بذاته وكيف أثرت على علاقاته الإجتماعية وكيف انتهى به الحال للإضطراب النفسى كالقلق والإكتئاب ثم يتبع مرحلة رؤية الذات تطوير وتعديل المفاهيم والسلوك من خلال أليات العلاج المعرفى السلوكى والبرمجة اللغوية العصبية بحيث نحدث التغيير وهكذا نطور الشخصية ونصل للمرحلة التى يتضاءل فيها الإحتياج للعلاج الدوائى....إنها رحلة شاقة لكن بإذن الله سنبدأها عسى أن تكون رحلة ممتعة.