الاثنين، 14 مارس 2011

لا أستطيع ترتيب أولوياتى

أعرض الاستشارة بشكل تفصيلى حتى تكون مفيدة بإذن الله لصاحب الاستشارة وللعاملين فى المجال النفسى

المشكلة:

عندي أزمة في ترتيب الأولويات مش عارف ليه نفسي أعمل جات كتير وممكن مش أعمل منها غير حاجات بسيطة
هودا طبيعي ولا أنا أكون بأتكلم أكتر من إني بعمل

الرد على الاستشارة

ياترى عدم القدرة على ترتيب الأولويات ده ممكن فعلاً يبقى مشكلة؟ وهل ده محتاج علاج.
علشان نرد على ده يبقى لازم نعرف هل عدم القدرة على ترتيب الأولويات ده شئ متكرر؟...يعنى هو القاعدة فى حياة السائل واللا دى حاجة طارئة؟...يعنى هو ممكن يحصل كحاجة عارضة فى حياة أى حد؟..أه فعلاً ممكن يحصل لأى حد لو عنده اكتئاب أوقلق أو بيواجه ضغوط خارجية...لكن اللى عنده مشكلة عدم القدرة على ترتيب الأولويات بشكل مزمن يبقى لازم نعرف إن هنا فعلاً فى مشكلة فى أحد وظائف المخ التى تقوم بدور السكرتير التنفيذى فى أى شركة...وهو إيه الدور الأساسى لأى سكرتير تنفيذى فى أى شركة؟ دوره الاشراف على والتنسيق بين أفراد العمل ودعم وإدارة التواصل بين أفراد العمل....وتحديد إيه يتنفذ وإيه يستنى أو يتأجل وننفذ إيه قبل إيه؟...وهو فى حاجة زى كده فى المخ؟..طبعاً فى المخ فى وظيفة مهمة اوى اسمها الوظائف التنفيذية للمخ....ياللا نستعد علشان نفهم إيه الموضوع ده؟
يعنى إيه وظائف المخ التنفيذية؟
سأوضح من خلال مثال بسيط....افترض إنك بتحب الشيكولاتة....إذن فى معلومة مخزنة عن حب الشيكولاتة....ولاقيت حد جابلك شيكولاتة....حيكون تصرفك إيه؟ المفروض إنك حتفتح الشيكولاتة وتاكلها...طيب افرض إنك فى نفس الوقت عامل دايت يبقى عندك معلومة تانية مخزنة مفادها إن وزنك زاد ولازم تمنع نفسك من الشيكولاتة طيب التصرف النهائى حيتحدد ازاى؟ يتحدد بناء على التنسيق بين كل هذه المعلومات اللى المفروض هنا السكرتير التنفيذى حيوقف الاستجابة بناء على معلومة معينة وحينفذ سلوك بناء على معلومة أخرى أحدث وأكثر فائدة....هذا هو الجهاز التنفيذى للمخ...
إذن تعالوا نلخص سريعاً مهام الجهاز التنفيذى للمخ:
1-وضع الأهداف...أى حاجة بأعملها...لازم أعرف أنا بأعمل ده ليه؟
2-وضع الخطة فى الذاكرة العاملة بينما أنت تبدأ فى التنفيذ...بنود الخطة مختزنة وفى متناول عقلك تستدعيها كيفما شئت( زى فكرة الرامات فى الكمبيوتر....تستدعى أى حاجة من الهارد ديسك فى أى وقت لدمجها فى ملفات أخرى أو الاستفادة منها فى ملفات أخرى أو تعديلها).
3-البدء فى تنفيذ الخطوات بالترتيب.
4-المرونة فى تنفيذ الخطط....يعنى ممكن استبدال خطوة بأخرى....وممكن ايجاد خطوة جديدة تماماً تبعاً لما تواجهه من ظروف....القدرة على حل المشكلات والمرونة فى تنفيذ الخطة.
5-الانتباه الجيد وضبط الانفعالات حيال أى تحديات قد تواجهك أثناء تنفيذ خطتك لإنجاز هدف معين.
6-القدرة على تقييم أداءك ونتائج خطتك ومدى فعاليتها وهل يمكن الاستفادة منها كاستراتيجيات لإنجاز أهداف أخرى مستقبلية.....إذن سيتم تخزينها على أنها خطة فعالة يمكن استدعاءها عند الحاجة.

والأن ماهى مراكز المخ المسئولة عن هذه الوظائف.....تعتبر الوظائف التنفيذية للمخ هى أحد اهم الوظائف للفص الأمامى أو الجبهى للمخ...

وما هى أسباب تعطل هذه الوظائف كلها أوبعضها؟

بالطبع سيكون أى إصابة للفص الأمامى للمخ...وقد تكون الإصابة تركيبية...أى تؤثر بشكل عضوى يصيب تركيب المخ: وقد يحدث ذلك نتيجة للإصابات الناتجة عن الحوادث –جلطات المخ- الأورام-عته الشيخوخة- وفى كل هذه الحالات يكون هناك مصاحبات وأعراض تعتبر هى الأعراض الأساسية كضعف العضلات أو الشلل-أو ارتفاع ضغط المخ أو تاريخ الإصابة وخلافه وهنا نجد الإصابات واضحة من خلال الأشعة المقطعية والرنين وهذا ليس موضوع استشارتنا

وقد تحدث نتيجة لخلل وظيفى
أى لايوجد سبب عضوى وهذا هو موضوع استشارة اليوم....

والخلل الوظيفى يعنى خللاً على مستوى الخلايا العصبية وتشابكها معًا بتنظيم شبكى معين
وقد يحدث هذا الخلل كعرض لبعض الاضطرابات النفسية:
مثل الفصام والاكتئاب والوسواس القهرى واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وهو أكثر الاضطرابات التى تؤثر فى الوظائف التنفيذية للمخ

كما يمكن أن تكون المشكلة فقط متعلقة بالخبرات الحياتية الأولى التى تؤثر فى تنظيم وترتيب خلايا المخ فى تكوينها الشبكى....أى نقص التدريب اللازم لإنماء الوظائف التنفيذية للمخ...وهذا يحدث نتيجة نمط المعاملة الوالدية للطفل...فنمط المعاملة الوالدية هو الذى يسمح لنمو هذه الوظائف من خلال التدريب على التخطيط والمرونة وحل المشكلات وضبط الانفعالات وسنشرح ذلك لاحقاً بإذن الله وكيف تؤثر المعاملة الوالدية فى إنماء هذه الوظائف...

لكن هل يعنى ذلك أن تأثير المعاملة الوالدية بشكل معين قد يؤثر بشكل دائم غير قابل للتغير على هذه الوظائف....الإجابة لا...لأن من حكمة المولى سبحانه وتعالى أن جعل تشابك وتنظيم الخلايا العصبية للمخ أمر قابل للمرونة والتغيير إذا ما تغيرت البيئة المحيطة خاصة فى السنين الأولى من العمر(الست سنوات)....لكن هل هذا يعنى أن بعد عمر ست سنوات لايمكن اصلاح هذه المشكلات..مرة ثانية الإجابة لا لأن التدريب المعرفى يستطيع أن يغير فى شكل وتنظيم الخلايا بحيث يحدث تغييراً دائماً.

إذن فالعلاج يمكن أن يغير الأمر برمته ويحدث تغييراً شاملاً...وهكذا العلاج النفسى السليم لابد أن يحدث تغييراً بيولوجياً

وسأوافيكم بالبرنامج العلاجى المعرفى لترتيب الأولويات وتعلم التخطيط بإذن الله.

د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق